أ. محمد الدبعي
هزة قلم!عبده بين العميان والمرابيش!

عائدا من غربة طويلة، ماشيا على قدميه حتى وصلت إلى قريته النائية.

لكنه فوجئ بشيء غريب، فقد بدت له القرية وللوهلة الأولى أنها أخليت من قاطنيها، حيث لم يقابل في طريقه أحدا من أهل القرية.

نادى بصوت عال، فخرج الأهالي يتحسسون الطريق ناحية مصدر الصوت حتى تجمعوا حوله
يسألونه من أنت وماذا تريد؟؟!!
أصيب بالدهشة مما رأى، فقد كانوا جميعهم عميانا.

- أنا عبده ابن القرية، وكنت مسافر والآن رجعت.
- طيب وليش رجعت؟
- رجعت اليكم والى أهلي وقريتي. مالكم؟
- وأنت أعمى زينا؟
- لا! انا الحمدلله مابي شيء، أشوفكم وأشوف كل شي جميل في القرية.
- وليش انت بتشوف ونحن لا. كيف حصلت؟
- قولوا لي أنتم كيف انقلبتم عميان كلكم؟
- إنتشر مرض سبب لنا العمى وقليل من الربشة.
- طيب انا باجيب لكم الدكاترة يعالجوكم وترجعوا مثل ما كنتم من قبل إن شاء الله تعالى.
- لا لا لا! جزاك الله خيرا مانشتيش. قد نحنا كذا إلا تمام، لا عاد تزيدش تجيب لنا الداوي.
- بس انتم حالتكم مش ميؤس منها، هو وباء يعني ممكن يتعالج.
- كثر الله خيرك! ما إلا انت الشاذ بيننا، فالأحسن تكون زينا، وقدك إلا واحد.
- طيب انتم فرحانين يعني بهذا العمى وأنكم ماتشوفوش ومرابيش؟
- والله ما أعمى ومربوش إلا أنت. هكذا اخرج وأحسن يابن العم وعايشين الحمدلله وما ينقصنا شي.
وانت ليش ما تجربش تكون أعمى زينا، ويقع لك خبطة زغيرة مثلنا، وقدك بين اخوتك؟
- ياجماعة إسمعوا الله يرضى عليكم!
الأعمى مش زي المبصر! ولا المربوش زي العاقل وانتم علاجكم سهل لكن يشتي إرادة. إسمعوني بس وكل شي شسبر
- العمى عمى القلوب يا عبده مش عمى العيون!
قد كنا مبصرين من قبل وايش استفدنا؟؟؟
أما ذلحين قد الدنيا كلها سوا، ماتفرقش، آكلين شاربين مفتهنين الحمدلله ولا ينقصنا حاااااجة.
- طيب فهموني ملي الله يرضى عليكم!
أنا اشتي لكم الخير والله، ونرجع نظركم وتقوموا تشوفوا أموركم وتشتغلوا في الأرض وأولادكم يدرسوا ويتعلموا ويبنوا البلد.
- ياخي مانشتيش. أحسن حاجة تقع انت زينا ومافيش أحد أحسن من أحد. وانت والله لو تدري على سعادة وحياة ياسلاااااام.
جرب بس وانت بتشوف بنفسك ايش احسن لك!
وزي ما انت تقول إنك تشتي لنا الخير ونحنا كمان نشتي لك الخير ياعبده.
- طيب قولوا لي كيف اعتميتم وارتبشتم ومن كان السبب؟
- يابن العم والله جالنا واحد قال إنه معه علاج يقوي النظر ويزيد الذاكرة. لكن هذا الدواء ما شنفعش إلا إذا استخدموه أهل القرية كلهم، رجال ونساء وزغار وكبار. وقيمته لازم يفرقوها كل أهل القرية.
ونحنا صدقنوه وفرقنا الفلوس. وهكذا قانحنا مثلما تشوف.
وماعاشنصدقكش والله لو تحاول مهما تحاول، خلاص قد نحنا مقتنعين بهذا العمى.
وأنت سمينحنا على ماتشا: مجانين والا مرابيش والا اللي يعجبك. قاهي الا هي!
 

مقالات أخرى